اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
27261 مشاهدة
باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري

وقال رحمه الله: باب: قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري.
حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه– قال: مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال: اتقي الله واصبري .


هذه المرأة مات ولدها، ويمكن أنها كانت في بادية، ودفن وجلست عند قبره، لم يكن هناك من يعلمها الأحكام، فأخذت تبكي، وكأن بكاءها له نشيج ومعه نحيب، فمر عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: اصبري، اتقي الله واصبري فيدل على نصيحة من وقع منه شيء يخالف الصبر، أو ينافي الرضا بالقضاء والقدر أن ينصح، ويقال له: عليك بالصبر والاحتساب، ورجاء الأجر والثواب؛ فإن ثواب هذه المصيبة خير وأفضل من بقائها، ومن نفعها لو بقيت.
في بعض الروايات أنه لما قال لها: اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمثل مصيبتي، فقال الناس: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت تعتذر، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى ، أو عند أول صدمة يعني: الصبر الذي يثاب عليه إذا كان في أول الأمر، أول ما تحصل المصيبة يتحمل ويصبر، فهذا هو الذي أجره كبير.
أسئـلة
س: هل يصح الاستدلال بهذا الحديث على أن المرأة تزور المقبرة؟
وهذا القبر كان منبوذا في برية، فلا مانع من أنها تمر على قبر في برية إذا كان قبر قريب لها، لم ينكر عليها، وأما المقابر التي سميت، أو خصصت بالمقابر فلا يجوز للنساء زيارتهن؛ لأنه صلى الله عليه وسلم– قال: لعن الله زوارات القبور فليس في هذا أنه كان في مقبرة، إنما كان قبرا منبوذا، يظهر أنه لم يكن عندهم قبور غيره، ويمكن أيضا أنها قريبة منه، وليست عنده. نعم.